الفوائد

محمد بن الشيخ علي بن آدم الإتيوبي…
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
مرحبا بكم في الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ العلامة …

حكم التصوير بالأجهزة الحديثة

منذ : 4 سنوات
| الزيارات : 2761

قد اختَلَف العلماء المعاصرون في هذه المسألة، فمنهم من ألّف رسالة
في إباحتها (1)، ذهب فيها إلى أن الصورة الفوتوغرافيا الذي هو عبارة عن حبس
الظلّ بالوسائط المعلومة لأرباب هذه الصناعة ليس من التصوير المنهيّ عنه؛
لأن التصوير المنهيّ عنه هو إيجاد صورة وصُنع صورة لم تكن موجودة، ولا
مصنوعة من قبل، يضاهي بها حيوانًا خلقه الله تعالى، وليس هذا المعنى
موجودًا في أخذ الصورة بتلك الالة.
وذهب آخرون -وهو الذي يظهر لي- إلى أن حكم الصورة الشمسيّة
حكم الصورة المرسومة،

قال الشيخ مصطفى الحمامي في كتابه “النهضة
الإصلاحيّة” (2): وإني أحبّ أن تجزم الجزم كلّه أن التصوير بآلة التصوير
(الفوتوغرافيّة) كالتصوير باليد تمامًا، فيحرم على المؤمن تسليطها للتصوير،
ويحرم عليه تمكين مسلّطها لالتقاط صورته بها؛ لأن هذا التمكين يُعين على
فعل محرّم غليظ، وليس من الصواب في شيء ما ذهب إليه أحد علماء عصرنا
هذا من استباحة التصوير بتلك الآلة بحجّة أن التصوير لم يكن باليد، والتصوير
بهذه الآلة لا دخل لليد فيه، فلا يكون حراماً، وهذا عندي أشبه بمن يرسل
أسدًا مفترسًا، فيقتل من يقتل، أو يفتح تيّارًا كهربائيًّا يُعدم كلّ من مرّ به، أو
يضع سمًّا في طعام فيهلك كلّ من تناول من ذلك الطعام، فإذا وُجّه إليه لوم
بالقتل قال: أنا لم أقتل، إنما قتل السمّ، والكهرباء، والأسد. انتهى.

وقال الشيخ الألبانيّ رحمهُ اللهُ في “آداب الزفاف” -خلال كلام له-: وقريبٌ
من هذا تفريق بعضهم بين الرسم باليد، وبين التصوير الشمسيّ، يزعم أنه ليس
من عمل الإنسان، وليس من عمله فيه إلا إمساك الظلّ فقط، كذا زعموا، أما
ذلك الجهد الجبّار الذي صرفه المخترع لهذه الآلة حتى استطاع أْن يصوِّر في
لحظة ما لا يستطيعه بدونها في ساعات، فليس من عمل الإنسان عند هؤلاء،
وكذلك توجيه المصوّر للآلة، وتسديدها نحو الهدف المراد تصويره، وقبيل
ذلك تركيب ما يسمّونه بالفلم، ثم بعد ذلك تحميضه، وغير ذلك، مما لا
أعرفه، فهذا أيضًا ليس من عمل الإنسان عند أولئك أيضًا.
قال: وثمرة التفريق عندهم أنه يجوز تعليق صورة رجل مثلًا في البيت إذا
كانت مصوّرةً بالتصوير الشمسيّ، ولا يجوز ذلك إذا كانت مصوّرة باليد.
قال: أما أنا فلم أر له مثلًا إلا جمود بعض أهل الظاهر قديمًا، مثل قول
أحدهم في حديث: “نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البول في الماء الراكد” قال:
فالمنهي عنه هو البول في الماء مباشرةً، أما لو بال في إناء، ثمّ صبّه في الماء
فهذا ليس منهيًّا عنه. انتهى (3).
وسُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربيّة السعوديّة: ما حكم
الصورة إجمالًا؛ أي: للضرورة وغير الضرورة؟ .
فأجابت بأن تصوير ذوات الأرواح حرام، سواء كان فوتغرافيًّا، أو نقشًا
بيد، أو آلة، ونحو ذلك، واقتناء الصور حرام، وإذا اضطرّ الإنسان إلى شيء
من ذلك بدون اختياره؛ كأن يُطلب منه صورة لجواز سفر، أو لمنحه التابعيّة
جاز له ذلك مع كراهة قلبه للتصوير. انتهى. “فتاوى إسلاميّة” 4/ 357 (4).
وسئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمهُ اللهُ عن حكم تعليق الصور
الفوتغرافيّة على الجدران؟ فاجاب بأن تعليق صور ذوات الأرواح على الجدران
أمر لا يجوز، سواء كان ذلك في بيت، أو مجلس، أو مكتب، أو شارع، أو غير ذلك، كله منكر، وكلّه من عمل الجاهليّة. انتهى كلامه باختصار (5).
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهُ اللهُ أيضًا عن حكم تعليق الصور
على الجدران.
فأجاب بأن تعليق الصور على الجدران، ولا سيّما الكبير منها حرام حتى
ولو لم يخرج إلا بعض الجسم والرأس، وقصد التعظيم فيها ظاهر، وأصل
الشرك هو هذا الغلوّ، كما جاء ذلك عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- في أصنام قوم نوح
التي يعبدونها قال: “إنها كانت أسماء رجال صالحين صوّروا صورهم ليتذكّروا
عبادتهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم”. انتهى (6).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من أقوال أهل العلم، وأدلّتهم
أنه لا فرق بين الصورة التي تُرسم باليد، وبين الصورة الفوتوغرافيّة؛ إذ المعنى
الذي حُرّمت من أجله الصور موجود في كليهما، فالمفاسد التي تدخل في
الصور موجودة فيهما، وأيضًا إن القول بأن هذا ليس من عمل اليد بطلانه
ظاهر، كما سبق في كلام الحمّاميّ والألبانيّ.
وبالجملة فالمسألة خطيرة أيما خطر، فإن التساهل فيها كثير، ولا سيّما
مع تشجيع بعضن من ينتسب إلى العلم بفتواه بإباحتها، وهذا هو الداهية
العظمى، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
[تنبيه]: يُستثنى مما سبق الحالة الضروريّة، لقوله عزَّ وجلَّ: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ
مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، فيباح اتخاذ الصورة
الشمسيّة لضروة البطاقات الشخصيّة، وجواز السفر، أو نحو ذلك مما لا بدّ له
في حياة الإنسان، وقد ذكر صاحب “التكملة” أن الفقهاء استثنوا مواضع
الضرورة، وقال الإمام محمد في “السِّير الكبير”: وإن تحقّقت الحاجة له إلى
استعمال السلاح الذي فيه تمثال، فلا بأس باستعماله، قال: وأعقبه السرخسيّ
في “شرحه” (2/ 278) بقوله: لأن مواضع الضرورة مستثناة من الحرمة، كما
في تناول الميتة، وذكر السرخسيّ أيضًا: إن المسلمين يتبايعون بدراهم الأعاجم
فيها التماثيل بالتيجان، ولا يمنع أحد عن المعاملة بذلك، وقال في موضع آخر من “شرحه” (3/ 212): لا بأس بأن يَحمل الرجل في حال الصلاة دراهم
العجم، وإن كان فيها تمثال الملك على سريره، وعليه تاجه، وقد ثبت في
الأحاديث الصحيحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجاز لعائشة – رضي الله عنها- اللعب بالبنات، وأن
الفقهاء أباحوا للمرأة أن تكشف وجهها عند الشهادة. انتهى (7).
قال الجامع عفا الله عنه: الحالة الضروريّة قد استثنيت بنصّ الآية
المذكورة، وأما حديث عائشة -رضي الله عنها-، وإن استدلّ به بعضهم، إلا أن الأَولى ما
قاله بعضهم: إنه كان قبل تحريم الصورة، فلا إشكال فيه، فتنبّه، والله تعالى
أعلم.
[تنبيه آخر]: قال صاحب “التكملة” أيضًا: أما التلفزيون والفديو، فلا
شكّ في حرمة استعمالهما بالنظر إلى ما يشتملان عليه من المنكرات الكثيرة،
من الخلاعة، والمجون، والكشف عن النساء المتبرّجات، أو العاريات، وغير
ذلك من أسباب الفسوق، ولكن هل يتأتى فيهما حكم التصوير بحيث إذا كان
التلفزيون، والفديو خاليًا من هذه المنكرات بأسرها، هل يحرم بالنظر إلى كونه
تصويرًا؟ ، ثم قال: لي فيه وقفة … إلى آخر ما كتبه، لكن ظاهر بحثه كأنه
يميل إلى الجواز، وإن قال في آخر كلامه: ورحم الله امرءًا هداني إلى
الصواب. انتهى (8).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي في المسألة، أنه لا يجوز
التصوير بأي آلة من الأجهزة الحديثة، من التلفزيون، والفديو، وغيرهما، إلا
للأمور الضروريّة التي تقدّم بيانها، وذلك لعموم النصوص الدالّة على تحريم
الصور بأشكالها، والله تعالى أعلم بالصواب.
__________
(1) هو: الشيخ محمد بخيت المصريّ، سمَّى رسالته “الجواب الشافي في إباحة
التصوير الفوتوغرافي”.
(2) “النهضة الإصلاحيّة” ص 264 و 565.

(3) راجع: ما سبق في كتاب “تكملة فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم” 4/ 162 – 163.
(4) منقول من فتاوى وأقوال كبار العلماء في التصوير، جَمْع عبد الرحمن بن سعد
الشتري، تقديم الشيخ صالح الفوزان ص 25.

(5) “فتاوى العقيدة” 1/ 303 – 305.
(6) “مجموع فتاويه” 2/ 282.

(7) “تكملة فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم” 4/ 164.
(8) “تكملة فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم” 4/ 164 – 165.

المصدر:البحر المحيط الثجاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج

35 / 76-79

4 4 تقييم
تقييم
S’abonner
Notifier de
guest
4 تعليقات
le plus ancien
le plus récent le plus populaire
Inline Feedbacks
إظهار كل التعليقات
أحمد التويجري
أحمد التويجري
3 سنوات قبل

https://cutt.us/wAbdl
المصدر على الرابط من موقع ابن باز
فتوى ابن باز :
التحرج من التصوير في وسائل الإعلام:

س: دعوتم إلى الاستفادة من وسائل الإعلام في مجال الدعوة والتوجيه، ومنها تلك التي فيها التصوير، لكن بعض الدعاة إلى الله لا يزالون يتحرجون من تلكم الصورة. ماذا تقولون في ذلك؟

ج: لا شك أن استغلال وسائل الإعلام في الدعوة إلى الحق ونشر أحكام الشريعة وبيان الشرك ووسائله والتحذير من ذلك ومن سائر ما نهى الله عنه من أعظم المهمات بل من أوجب الواجبات، وهي من نعم الله العظيمة في حق من استغلها في الخير، وفي حق من استفاد منها ما ينقصه في دينه ويبصره بحق الله عليه.
ولا شك أن البروز في التلفاز مما قد يتحرج منه بعض أهل العلم من أجل ما ورد من الأحاديث الصحيحة في التشديد في التصوير ولعن المصورين.
ولكن بعض أهل العلم رأى أنه لا حرج في ذلك إذا كان البروز فيه للدعوة إلى الحق ونشر أحكام الإسلام، والرد على دعاة الباطل؛ عملا بالقاعدة الشرعية وهي: ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما إذا لم يتيسر السلامة منهما جميعا، وتحصيل أعلى المصلحتين ولو بتفويت الدنيا منهما إذا لم يتيسر تحصيلهما جميعا.
وهكذا يقال في المفاسد الكثيرة والمصالح الكثيرة يجب على ولاة الأمور وعلى العلماء إذا لم تتيسر السلامة من المفاسد كلها أن يجتهدوا في السلامة من أخطرها وأكبرها إثما. وهكذا المصالح يجب عليهم أن يحققوا ما أمكن منها الكبرى فالكبرى إذا لم يتيسر تحصيلها كلها، ولذلك أمثلة كثيرة وأدلة متنوعة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:108] ومنها الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال لعائشة رضي الله عنها: لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وأقمتها على قواعد إبراهيم الحديث متفق عليه.
وبهذا يعلم أن الكلام في الظهور في التلفاز للدعوة إلى الله سبحانه ونشر الحق يختلف بحسب ما أعطى الله للناس من العلم والإدراك والبصيرة والنظر في العواقب.
فمن شرح الله صدره واتسع علمه ورأى أن يظهر في التلفاز لنشر الحق وتبليغ رسالات الله فلا حرج عليه في ذلك وله أجره وثوابه عند الله سبحانه ومن اشتبه عليه الأمر ولم ينشرح صدره لذلك فنرجو أن يكون معذورا لقول النبي ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وقوله ﷺ: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب الحديث، ولا شك أن ظهور أهل الحق في التلفاز من أعظم الأسباب في نشر دين الله والرد على أهل الباطل، لأنه يشاهده غالب الناس من الرجال والنساء والمسلمين والكفار، ويطمئن أهل الحق إذا رأوا صورة من يعرفونه بالحق وينتفعون بما يصدر منه، وفي ذلك أيضا محاربة لأهل الباطل وتضييق المجال عليهم، وقد قال الله : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]، وقال : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125] وقال سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33]، وقال النبي ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وقال عليه الصلاة والسلام: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً أخرجهما مسلم في صحيحه، وقال ﷺ لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب  لما بعثه إلى اليهود في خيبر: ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته.
وهذه الآيات والأحاديث الصحيحة كلها تعم الدعوة إلى الله سبحانه من طريق وسائل الإعلام المعاصرة ومن جميع الطرق الأخرى: كالخطابة، والتأليف، والرسائل والمكالمات الهاتفية، وغير ذلك من أنواع التبليغ لمن أصلح الله نيته ورزقه العلم النافع والعمل به.
وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم أخرجه مسلم في الصحيح.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق علماء المسلمين وولاة أمرهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه[1].
(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 5/292).

AHMADHASSAN
AHMADHASSAN
3 سنوات قبل

جزاكم الله خيرا

ثامر الدويش
ثامر الدويش
2 سنوات قبل

جزاكم الله خيراً وزادكم الله من فضله

fata121
fata121
1 سنة قبل
4
0
يسرنا معرفة رأيكم، المرجو ترك تعليقx
()
x